قصة الوباء ( الانفلونزا الإسبانية )

حياة واقعية
0

 تبدا أحداث قصتنا عام 1918 م في الضواحي  الريفية والقروية من مقاطعة هاسكيل في ولاية كانساس , أمريكا .. العالم وقتها كان يخوض الحرب العالمية الأولى , اما بالمقاطعة كانت منعزلة  تعيش بهدوء تام بعيدة  كل البعد عن الحروب وسكانها منغمسين في الزراعة وتربية المواشي ما يدرون عن العالم  , استغرب  الطبيب وخاف وأرسل بلاغ لإدارة الصحة العامة الامريكية , قال لهم انه شاف انفلونزا غريبة وشديدة أهلكت الناس وكثير منهم ماتوا مع انهم اصحاء في عز شبابهم , وصل بلاغه للإدارة لكنهم ما اهتموا وقالوا وش يبي طبيب القرية الي ما عنده سالفة ! 

اعتقدوا ان الطبيب يبالغ لقلة خبرته, فالقرية معزولة وعدد سكانها قليلين ورسالته لا تستحق الاهتمام. لم يتخذوا أي  إجراءات واستمرت الانفلونزا بالانتشار بين سكان المقاطعة والريف , ذاك الوقت  أساسا أمريكا كانت مشغولة بالتجهيز للدخول بالحرب العالمية الأولى الي لها سنين بادية في اروبا من عام 1914 م , قررت أمريكا تدخل الحرب وتجند شبابها وترسلهم الى واربا بالبواخر .

طلبوا من الشباب يشاركون بالحرب وينضمون الى الجيش , وعرضوا عليهم مزايا تشجعهم . . تحمسوا شباب القرى و الريف ومن ضمنهم شباب المقاطعة الي تعافوا , وفعلا راحوا ودعوا أهلهم و انطلقوا الى معسكر في كانساس للتدريب .

المعسكر كان مكتظ بالجنود كان فيه اكثر من 50 الف جندي لدرجة ان بعض الجنود ما كان لهم مخيمات عسكرية فاضطروا ينامون في البرد القارص ,فامر قائد المعسكر بان كل الجنود يدخلون بالمخيمات ويتزاحمون اختلطوا الجنود مع الشباب الي جايين من مقاطعة هاسكيل وبعد ايام من مخالطتهم بدوا يطيحون واحد ورى الثاني , الانفلونزا العنيفة اجتاحت المعسكر وقتلت عدد كبير من الجنود ! لكن قادة المعسكر اعتقدوا انها انفلونزا موسمية شديدة وراحت خلاص , اشتدت الحرب وقررت أمريكا ارسال الجنود بأسرع وقت , ففي ابريل من عام 1918م أرسلت  امريكا سفن ضخمة محملة بالجنود ليقاتلوا في الحرب العالمية الأولى بأروبا , أغلب السفن كانت تنزل في ميناء بريست بفرنسا لكن وش الي صار خلال ايام بسيطة انتشرت الانفلونزا بين سكان مدينة بريست الفرنسية , صاروا يعانون من الانفلونزا اللي اجتاحت مدينتهم ولا يدرون من وين جت  وكيف يعالجونها وهم أساسا  مشغولين بجرحى الحرب .


استمرت السفن الأمريكية تنزل الجنود والمرض  استمر بالانتشار , ,شاركو بالحرب وصاروا يتنقلون في أروبا بين المدن والقرى وينتشرون معهم الفيروس المدمر ! كان سريع الانتشار , انتشر بين الجيوش الاخرى وخرج من المعسكرات للمواطنين في كل انحاء اوربا , خلال الحرب , كانوا الجنود يتحصنون في خنادق قذرة وضيقة ومع قلة الاكل وارهاق الحرب ضعفت مناعتهم مما ساعد على انتشار الانفلونزا الفتاكة بينهم بسهولة وبشكل مرعب استمرت الانفلونزا بالانتشار حتى وصلت الى اسبانيا , كانت كل الدول الاوربية ما تعلن عن اصابتها بالانفلونزا ولايبون يظهرون ضعفهم للدول المعادية ! ولايبون يحبطون الجنود ويعلمونهم العدد الحقيقي للموتى . 

الإ  اسبانيا  كانت دولة محايدة لم تشارك في الحرب , لذلك صحافتها كانت تملك الحرية تتكلم عن الانفلونزا الفتاكة وتعلن عدد المصابين بيها ,انتشرت الانفلونزا بإسبانيا وزات تغطيتهم لها بعد ما أصيب  فيها ملكهم الملك الفونسو الثالث عشر , ولأنها اول دولة افصحت سموها بالأنفلونزا الاسبانية , 

اعراض الانفلونزا الموسمية المعروفة , حرارة وعطاس مع صداع وتعب بالجسم لكن يصاحبها أحيانا نزيف في الانف وصعوبة بالتنفس قد تخنق المصاب بها وتودي به الى الوفاة فورا ,بعد مرور شهر صارت الانفلونزا الاسبانية منتشرة في كل انحاء ابلدان الاوربية اما أمريكا فكانت افضل حال ما عندهم الاحالات قليلة مسيطرين عليها , الا ان الوضع  لم يدوم , ففي أواخر الحرب بدوا الجنود يرجعون بالبواخر الى أمريكا مشتاقين لأهلهم , الناس كانوا فرحانين برجوع الجنود سالمين غانمين بعد ما خاضوا المعارك في سبيل الدفاع عن بلادهم ., في أغسطس أبحرت السفن من أوروبا محملة بالجنود الامريكان عائدين الى ديارهم و معاهم الانفلونزا الاسبانية ! انتشر المرض في السفينة وبعضهم صارت حالتهم خطرة وماتوا , وصلوا الجنود لأمريكا وتكدسوا بالمستشفيات وخلال أيام بسيطة عدوى الأطباء والممرضين , اهل الجنود طاحوا وتزاحموا بالمستشفيات وصاروا يلاحقون الأطباء بكل ياس يرجون المساعدة لكن المصيبة ان الزوار كانوا يطلعون من المستشفى ومعاهم الفايروس ,زادت حدة المرض وصعبت السيطرة عليه وانتشر المرض في ولايات أمريكا واستمر بالانتشار بسبب الجهل ,

انتشرت الانفلونزا وأصبحت جائحة في كل العالم !وصلت لأفريقيا والصين والهند وحتى الشرق الأوسط والبلدان العربية . 

الأطباء في أمريكا وخارجها ما كانوا عارفين كيف يتعاملوا مع المرض ولا متأكدين من طريقة انتقاله احتاروا ما يدرون كيف ينصحون الناس , كثرت الوصايا لكن كثير من الاطبال حثوا الناس على تجنب التجمعات قدر الإمكان وحرصوا على تغطية الانف والفم وتجنب المصافحة  ولمس الكتب في المكتبات العامة, بعض البلدان استجابة للتعليمات  .. فرؤساء مدينة سان فرانسيسكوا في ولاية كاليفورنيا قاموا بإجراءات صارمة اغلقوا جميع المحطات البحرية والدارس والمحلات ومنعوا كل التجمعات وقموا بنشر التوعية بين السكان أيضا  المدينة صنعت اكثر من 00 الف كمامة وزعوها على الناس وكانت الشرطة تعاقب اي شخص يمشي بدون كمامة وتغرمه بغرامة مالية قدرها 5 دولارات كانت كثيرة ذيك الأيام .

لكن عكس عمدة فيلادلفيا و المسؤولين ما اخدوا المرض على محمل الجد تجاهلوا كل التوصيات وقرروا يقيمون موكب استعراضي يجمعون فيه أموال من الشعب لدعم البلاد بعد الحرب  , الأطباء اول ما سمعوا بالخبر انهبلوا وبدوا يتوسلون للمسؤولين يوقفوا  الموكب  لكنهم رفضوا واقاموا الحفل  والموكب والاف الناس تزاحموا في الشوارع للمشاركة فيه ! الفجعة بعد ثلاث أيام من انتهاء الحفل تضاعف عدد المصابين  ثلاث اضعاف ,ومع وجود 31 مستشفى  بالمدينة الا انها اكتظت بالمرضى ولا صار فيه لا سرير او مكان  بالمستشفيات المرضى بدوا يتكدسون بدون علاج ولا أي عناية امتلأت ساحات المستشفيات والممرات , ما جاء اخر الأسبوع الا ماتوا الفين شخص ولاقوا حتفهم من الفيروس كانوا المرضى يصفون طوابير عند المستشفيات وبعضهم كان يختنق ويموت وهو ينتظر يدخل المستشفى  حتى الي دخلوا المستشفى ما كانوا افضل حال فالأطباء انهلكوا من التعب وكثير أصيبوا واغلب الادوية والمعدات ما تكفي ,تكدسوا الأموات والمدينة بكبرها صارت تعاني ! هنا المس}ولين عرفوا اخيرا حجم المشكلة وقوة الفيروس وبدا المركز الصحي بفرض الإجراءات بغلق المدارس والمحاكم والمسارح والمحلات ومنعوا التجمعات  , لكن بسبب قرارهم المتأخر  انتشر المرض في انحاء فيلادلفيا وتجاوز عدد المصابين مئات الالاف كانوا الناس يميتون بسرعة صاروا يعجزون عن دفنهم .

العلم كله كانوا يعانون من الجائحة بعض الدول التزمت بالإجراءات والوقائية وبعضها وضعت عقوبات لأي احد يتهاون , كانت الانفلونزا الاسبانية تفتك بالي أعمارهم بين 20 و 40 سنة توفي كثير من الإباء والامهات ويتيتموا أطفالهم , بعض الأطفال الايتام صاروا يعانون من الجوع ويدورا بالشوارع لكن الناس ما كانوا يساعدوهم خوفا ان يكونوا حاملين المرض 

وتكاتف الرؤساء مع المتطوعين لمواجهة المرض , ففي بداية شهر نوفمبر بدأت تقل اعداد الوفيات في فيلادلفيا والأوضاع أصبحت افضل .

بحلول صيف 1919 م بدأت الوفيات تتقلص والمرض بدا يتلاشى , يتوقعون انه بسبب التزام الناس بالاحترازات وزيادة معرفة الأطباء وقدرة الجهاز المناعي على التعامل معه والتحول الجيني للفيروس كلها أسباب ساعدت على إيقاف الجائحة .

أخيرا  في ديسمبر عام 1920  أي بعد سنتين من اكتشاف الفيروس احتفل العالم وأعلنت البشرية شفائها التي اصابت اكثر م 500 مليون شخص وقتلت ما بين 50 الى 100 مليون شخص حول العالم . النهاية 

#قصص #فيروس #الوباء 

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)